السلام عليكم
سمعت من فترة عن فيلم رسوم متحركة اسمه up بالعربي تحليق, من إنتاج المبدعة Pixar التابعة لديزني, والتي أنتجت سابقا
فيلم Wall E والبحث عن نيمو وغيره.
وكنت قد قرأت ملخصات عن أفلام سابقة أنتجتها بيكسار, من أنها تحمل ضمن رسومها قصصا ومعاني كبيرة تناسب الكبار
والصغار ووجود رؤية عميقة وواسعة . اسم هذا الفيلم وصورة غلافة قد كنت رأيتها في عدة أماكن ووجدته فيلم رائع ومشجع.
القصة عبارة عن رجل كبير في السن 78 عاما, تتوفى زوحته ويكون وحيدا فيقرر تحقيق حلم زوجته بالسفر إلى المكسيك
فيربط منزله بمئات البالونات المعبئة بغاز الهيليوم ليطير بمنزله في رحلة إلى المكسيك ويصادف أن يكون بمنزله طفل من الكشافة
ويذهبان في الرحلة معا.
شجعت أختي لتأتي معي هي وزوجها وأطفالها(فتاة وصبي) وافقت وبالفعل ذهبنا اليوم .
بدا الفيلم مختلفا قليل عن إنتاج بيكسار, فالقصة تنتقل من مجرد تحقيق حلم الرجل العجوز إلى أمور أكبر وأخطر مليئة بالتشويق
الواقع بدا الفيلم لا يناسب الصغار!! فابنة أختي البالغة من العمر 8 سنوات علقت في منتصف الفيلم بأن المرء يشعر بالحزن
عندما يشاهد الفيلم لأنه حزين, وفي وقت لاحق أخبرتني أختي أنها -ابنتها- كانت خائفة على وشك الباء من أن يحصل لبطلي الفيلم
مكروه. أما البي البالغ من العمر 10 سنوات, عندما سألته عن رأيه في الفيلم قال أنه جيد بعد تردد وقطب حواجبه وبدا أن وجهه
لايوافق لسانه!!
الآن من وجهة نظري أنا
يبدأ الفيلم بصبي صغير يجلس في صالة سينما مع مجموعة من الناس وبدا أنهم يشاهدون خبرا عن طيّار يحلق بالبالون الكبير لا أعرف اسمه, وكيف أنه بتحليقه حقق إنجازا, لكن فيما بعد واجهه الناس بأنه كذب, فتوعد بأنه ذاهب في رحلة ليثبت للناس أنه على حق فيما أكتشفه.
هذا الطيّار بدا مثلا أعلى لذلك الصبي, الذي يلتقي وهو في يسير بجوار حي بفتاة (هناك أحداث حول كيف يلاقيها) حيث تكون هي أنشط
وأكثر حيوية منه وهو هادئ, وهي تخبره بحلمها أن تسافر لأمريكا الجنوبية إلى مكان نسيت اسمه الآن, وهو ذاته الذي ذهب إليه ذلك الطيار وتقول له أنها تريد أن تنقل منزلها (الذي يكونان في داخله آنذاك) إلى هناك.
ينتقل الفيلم بعدها بمشاهد سريعة ومتعددة ترافقها موسيقى دون حوار, عن حياتهما, وأنهما فيما بعد يتزوجان, وينتقلان لذلك المنزل ويحسناه ويصبغاه. وكيف أنهما يرغبان بطفل ولكنها لا تكون قادرة على الحمل, وكيف يتشاركان بالكثير وكيف يمضي بهما العمر إلى أن يكبرا في السن ويكتشف الزوج الذي وعد زوجته برحلة للمكسيك ان العمر مضى عليهما فيقرر اهدائها تذاكر طيران لكنها تدخل المستشفى وتتوفى.
المشاهد السريعة تلك, ترينا كيف ينتقل صبي إلى مرحلة الزواج بمن تعرف عليهما وهي صغيرة وكيف تتوفى لتتركه عجوزا في السبعينات. إنها ترينا أيضا كيف تمر الحياة سريعا وعلى غفلة وأننا في خضم الحياة اليومية ننسى أحلامنا, وأحلاما مشتركة أيضا
البداية الفعلية للفيلم بعد وفاة الزوجة, حيث نرى كارل العجوز الذي يكون متعلقا بكافة الأمور التي تربطه بحياته القديمة, وكيف أن منزله
يمثل حدوده ومآواه من الحياة في الخارج, ومختلفا وغريبا في حي تغيرت كل معالمه وأصبح حديثا متقدما, وأنه يفقد أعصابه حينما يتضرر جزء من حدود حياته تلك ليواجه القانون الأمريكي الذي يجعله مضطرا للإنتقال لدار المسنين.
هنا تتمثل العقدة, حينما نراه في أكثر من مشهد (في السابق أيضا) وهو يفتح كتابا وضعته زوجته في صغرها فيه صور للمكان في المكسيك الذي تريد أن تذهب إليه, وفي كل مرة يرى الكتاب يتوقف عند بداياته حيث كتبت زوجته (أشياء تريد أن تفعلها ) ويشعر بالحزن لأنه لم يحقق لها ذلك, الواقع أنه لم يقلب تلك الصفحة أبدا إلا في آخر الفيلم. المهم يقرر ربط منزله بمئات البالونات المنفوخة بغاز الهيليوم لتطير في السماء محلقة بعيدا.. منزله ذو النمط القديم يمر على الكثير من مشاهد الحياة العصرية التي بدا أن كارل لا ينتمي إليها لأنه يعيش
ضمن سنوات عديدة مضت. صبي الكشافة الذي يعلق معه يرافقه في الرحلة وتحصل العديد من الأمور التي لا أريد أن أذكرها لأنها معقدة.
رغم اختلاف العمر بينهما, لكن هناك الكثير من التشابه. فتى الكشافه يريد تحقيق حلمه بأن يحصل على الشارة الوحيدة الناقصة ضمن مجموعته, ويكون طموحا وملحاحا وبريئا في ذلك مما يجعل العجوز يتذكر نفسه حينما كان صبيا لديه حلم التحليق.. نكتشف فيما بعد أن الصبي يريد الشارة ليس فقط ليكمل مجموعته وإنما لأنه عندما سيحصل عليها سيقام حفل ويفترض أن يعلق والده الشارة على صدره. والده الذي انفصل عن أمه ولا يراه إلا فيما ندر الصبي ينتظر الحدث ولايريد ان يفوته. وهو يذكر فيما بعد كيف أنه اعتاد على فعل أمور مع والده مملة ولكنه أحبها.
قرب نهاية الفيلم, يحقق العجوز فعلا حلمه, حيث يصل ببيته إلى المكان الذي أرادته زوجته. وهناك لايبدو راضيا..الحلم الذي انتظر تحقيقه كثيرا لم يترك في نفسه ما أراده فعلا, يتصفح الكتاب الذي تركته زوجته وكأنه يأمل أن يجد زوجته تقول له شيئا ما ليعرف ما يفعله, ليكتشف أن بعد تلك الصفحة توجد العديد من الصفحات المملوئه بالصور له ولزوجته يفعلان أمورا معا, وأن زوجته كتبت له تعليقا تقول فيه لقد كان ذلك حلمي, الآن اختر حلما آخر!
كارل, الذي كان متعلقا ببيته الذي كان يمثل حياته كاملة وذكرياته يترك بيته يحلق فيما بعد ويعلق أنه مجرد منزل.
نهاية الفيلم تبدو وكأنها تقول أن أحلامنا التي دائما نتمنى أن تتحقق ونسعى إليها بقوة أحيانا لاتكون مثلما نريده فعلا, وأنه مهما كبر
العمر فالوقت ليس متأخرا لإيجاد حياة جديدة..
فيلم تبدو معانيه أكبر من أن تكون للصغار..إنه في الواقع يمثل نمط حياة الكبار, أكثر.
الجمعة، 5 يونيو 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق